لماذا حدث انهيار العملات الرقمية 1011: رسوم ترمب الجمركية، أزمة السيولة، وفوضى التمويل اللامركزي (DeFi)

في 11 أكتوبر 2025، المعروف الآن باسم “انهيار العملات الرقمية 1011”، تسبب تغريد لترمب يعلن فيه فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الواردات الصينية في انهيار شامل للسوق. تمت تصفية أكثر من 19 مليار دولار من المراكز ذات الرافعة المالية، وانخفض سعر البيتكوين إلى أقل من 102,000 دولار، وخسرت العديد من العملات البديلة ما يصل إلى 90%. زاد من حدة الفوضى نقص السيولة وانخفاض ارتباط عملة USDe التابعة لـ Ethena لفترة وجيزة، مما كشف هشاشة منظومة العملات الرقمية عالية الرافعة.

لمن يبحث عن “أسباب انهيار العملات الرقمية 1011”، يتناول هذا المقال الأسباب والآليات والدروس المستفادة بناءً على بيانات السلسلة وتقارير المنصات، مع تحليل إشارات التعافي.

الشرارة: تهديد ترمب بفرض رسوم 100% على الصين

بدأ الانهيار في وقت متأخر من 10 أكتوبر حين غرّد ترمب معلنًا فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الواردات الصينية اعتبارًا من 1 نوفمبر ردًا على قيود الصين على تصدير العناصر الأرضية النادرة، الضرورية لأشباه الموصلات وتقنيات البلوكشين. تراجعت الأسواق العالمية بنسبة 2.5% في مؤشر S&P500، لكن التداول المستمر على مدار الساعة في العملات الرقمية ضاعف التأثير، فانخفض البيتكوين من 119,000 إلى 102,000 دولار، بينما اقتربت بعض عملات الميم من الصفر.

أزمة السيولة أشعلت النار

بينما كانت الأسعار تتهاوى، كانت المجزرة الحقيقية في أسواق المشتقات. بلغت التصفيات 19.16 مليار دولار، متجاوزةً انهيار كوفيد 2020 بقيمة 1.2 مليار دولار وانهيار FTX بقيمة 1.6 مليار دولار، مع خسارة 85% من المراكز الطويلة.

السبب الرئيسي: جفاف السيولة من صناع السوق. عادةً ما توفر شركات مثل Jump Trading أو Jane Street السيولة من خلال أوامر الشراء والبيع للحفاظ على الاستقرار، لكنها في الهبوط الحاد تنسحب لتجنب “الضغط الجاما” الناتج عن التقلبات السريعة التي تجبرها على الشراء عند الارتفاع والبيع عند الانخفاض. انخفضت معدلات التمويل إلى أدنى مستوياتها السنوية، ما كشف عن سيطرة المراكز القصيرة وتلاشي العمق. أصبحت دفاتر الطلبات شبه فارغة، فتحول انخفاض 5% إلى انهيار بنسبة 15% بفعل أوامر وقف الخسارة والتداولات الآلية.

فقدان ارتباط USDe: تأثير الدومينو في التمويل اللامركزي

إذا كانت الرسوم الجمركية هي الشرارة، فإن فقدان ارتباط عملة USDe هو البنزين الذي غذى الحريق. هوت العملة المستقرة USDe التابعة لـ Ethena Labs، ثالث أكبر عملة مستقرة بقيمة سوقية 14 مليار دولار، إلى 0.65 دولار على منصة بينانس قبل أن تعود إلى 0.99 خلال ساعات.

تختلف USDe عن العملات المستقرة المدعومة بالدولار مثل USDT وUSDC، إذ تُعتبر “دولارًا اصطناعيًا” يعتمد على استراتيجية تحوط محايدة دلتا، حيث يحتفظ المصدرون بأصول مثل ETH وBTC ويبيعون عقودًا آجلة مكافئة لتثبيت السعر حول 1 دولار عبر عوائد التمويل.

في الأسواق الصاعدة، يعمل النظام بكفاءة: يودع المستخدمون أصولهم في بروتوكول Ethena للحصول على USDe، يقوم المصدرون ببيع العقود الآجلة للتحوط وجمع الرسوم، ثم يشارك المستخدمون USDe مقابل sUSDe للحصول على عوائد سنوية. لكن أثناء الانهيار، انخفضت الأصول الأساسية بنسبة 10–20% مما كسر التوازن، فسارع المصدرون لإعادة التحوط وسط جفاف السيولة، فانهار الارتباط.

أدى ذلك إلى انهيارات متسلسلة في استراتيجيات الإقراض المكررة في DeFi، حيث كان المستخدمون يستخدمون USDe كضمان للاقتراض المتكرر. ومع انخفاض USDe، ارتفعت نسب القروض إلى القيمة (LTV)، مما فعّل التصفيات الآلية وتسبب في ضغط بيعي هائل فاقم الانهيار.

الدروس المستفادة: إدارة المخاطر ضرورة لا خيار

لم يكن الانهيار مجرد خسائر، بل درس قاسٍ في إدارة المخاطر:

1. استخدم أموالك الخاصة عند التداول الفوري، فالقروض المفرطة حوّلت التصحيح البسيط إلى كارثة.

2. لا تتجاوز الرافعة 3×، وتجنب الرافعات العالية التي كانت سببًا في تصفيات الـ19 مليار دولار.

3. استخدم التحوط بالعقود الاختيارية لتقليل الخطر أمام قرارات مفاجئة مثل تغريدات ترمب.

4. في التمويل اللامركزي، لا تتجاوز 70% من نسبة LTV، إذ إن تجاوزها إلى 90% جعل المراكز تُصفى بالكامل عند تقلب USDe.

ما بعد الانهيار

في 12 أكتوبر بدأت إشارات التعافي بالظهور. أظهرت بيانات السلسلة زيادة في تراكم البيتكوين بسعر 110,829 دولارًا، حيث ارتفعت الكمية من 93 ألفًا إلى 103 آلاف بيتكوين خلال 24 ساعة. رغم أن هذا الحجم أقل من تصحيحات سابقة، إلا أنه يشير إلى تفاؤل المستثمرين الذكيين.

كما كشف تقرير من Forbes أن ترمب من بين أكبر حيتان البيتكوين في أمريكا، بحيازات تقدر بـ870 مليون دولار. يرى المحللون أن بقاءه في البيت الأبيض قد يعزز استمرار الاتجاه الصاعد للبيتكوين.

الخاتمة

انهيار العملات الرقمية 1011، الذي بدأ برسوم ترمب الجمركية وتفاقم بسبب نقص السيولة وانهيار USDe، دمّر مراكز بقيمة 19 مليار دولار واختبر صلابة السوق. كشف عن مخاطر الرافعة العالية واستراتيجيات التمويل اللامركزي المكررة. ومع ذلك، فإن شراء 10 آلاف بيتكوين عند القاع وحيازة ترمب الكبيرة يعطيان إشارة لأمل جديد في دورة صعودية قادمة. طريق التعافي يتطلب الانضباط: تداول فوري، رافعة منخفضة، حد LTV لا يتجاوز 70%، وتحوط بالعقود الاختيارية. تقلب العملات الرقمية هو نقمتها وسحرها في آن واحد؛ من يصمد أمام الانهيارات، يستقبل الازدهار القادم.