المستثمرون يشترون البيتكوين عند أدنى مستوياته الأخيرة وسط تقلبات السوق
شهدت سوق العملات الرقمية الأسبوع الماضي انخفاضًا ملحوظًا في أسعار البيتكوين (BTC) والإيثريوم (ETH)، مما أثار نقاشًا بين المستثمرين حول ما إذا كانت هذه المستويات تمثل فرصة للشراء. ومع هبوط البيتكوين دون 109,000 دولار والإيثريوم إلى 3,800 دولار، أظهرت بيانات السلسلة ارتفاعًا كبيرًا في عمليات الشراء، ما يشير إلى أن بعض المستثمرين رأوا في هذه الأسعار نقطة دخول استراتيجية.
يستعرض هذا المقال العوامل التي أدت إلى الانخفاض الأخير، والأدلة المستندة إلى بيانات السلسلة حول الشراء عند هذه المستويات، وتأثيراتها المحتملة على مستقبل البيتكوين وسوق العملات الرقمية ككل
تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي يدفع الأسواق الرقمية للتراجع
شهد المشهد المالي العالمي في الأسابيع الأخيرة حالة من عدم الاستقرار أثرت بشكل كبير على سوق العملات الرقمية. في مقدمة هذه المخاوف الخلافات داخل الاحتياطي الفيدرالي حول السياسة النقدية، حيث أدى الجدل بشأن استمرار خفض أسعار الفائدة هذا العام إلى غموض جعل المستثمرين غير متأكدين من اتجاه الأسواق التقليدية وتأثيرها غير المباشر على الأصول الرقمية.
إلى جانب ذلك، زادت التكهنات بشأن احتمال إغلاق الحكومة الأمريكية في أكتوبر من حالة القلق في الأسواق، ما أدى إلى مزاج عام هابط في السوق الرقمية استمر معظم الأسبوع الماضي.
داخليًا، ساهمت عوامل إضافية في تعزيز الاتجاه السلبي، من أبرزها الانتقادات العلنية التي وجهها المتداول الشهير أندرو كانغ إلى توم لي بسبب توقعاته المتفائلة للإيثريوم. وقد أثارت هذه الانتقادات نقاشًا واسعًا حول تقييم الإيثريوم، مما أدى إلى موجة بيع أثرت في العملات البديلة أيضًا. نتيجة لذلك، تراجع مؤشر “الخوف والطمع” في سوق العملات الرقمية إلى 29، ما يعكس حالة حذر متزايدة بين المستثمرين
بيانات السلسلة تشير إلى شراء انتهازي عند الانخفاض
رغم الأجواء السلبية، تكشف بيانات السلسلة عن صورة أكثر توازنًا، حيث أقدم بعض المستثمرين على شراء البيتكوين عند أدنى مستوياته. فعندما تراجع سعر BTC مؤقتًا دون 109,000 دولار الأسبوع الماضي، أظهرت المؤشرات على السلسلة زيادة في نشاط الشراء. ففي 24 سبتمبر تم شراء نحو 105,000 بيتكوين عند هذا المستوى، وارتفع العدد إلى 202,000 بيتكوين بحلول 29 سبتمبر وفقًا لخريطة توزيع تكلفة البيتكوين (الموضحة باللون الأحمر في الصورة).
يعكس هذا التجميع قناعة متزايدة بين المستثمرين بأن البيتكوين ما زال استثمارًا طويل الأجل جذابًا رغم تقلبات السوق قصيرة الأجل أما الإيثريوم فقد شهد أيضًا عمليات شراء ملحوظة، خاصة من المؤسسات. ومع انخفاض سعر ETH إلى 3,800 دولار أي أقل من متوسط تكلفة شراء شركة Bitmine البالغ 3,900 دولار، قامت الشركة بشراء 232,520 إيثريوم بقيمة تفوق 900 مليون دولار عبر معاملات مباشرة ومنصات تداول، وفق تقرير Arkham Intelligence في 27 سبتمبر.
تشير هذه الخطوة إلى ثقة Bitmine في مستقبل الإيثريوم على المدى الطويل رغم التراجعات الأخيرة، وقد تساعد في تهدئة معنويات السوق تجاه الإيثريوم والعملات البديلة.
لكن الصورة العامة لبيانات السلسلة للإيثريوم تبدو أقل إيجابية، إذ أظهرت خريطة توزيع التكلفة نشاطًا محدودًا حول مستوى 3,800 دولار، ما يعني أن مشتريات Bitmine كانت استثناءً، على عكس البيتكوين الذي شهد اهتمامًا واسعًا من المستثمرين. يثير هذا التباين شكوكًا حول النظريات التي تتوقع أن تتجاوز القيمة السوقية للإيثريوم قيمة البيتكوين في المستقبل.
توقعات السوق: هل يقترب التحول؟
مع استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي، تبقى سوق العملات الرقمية شديدة الحساسية للتطورات الخارجية. فالنقاشات المستمرة داخل الاحتياطي الفيدرالي وإمكانية إغلاق الحكومة الأمريكية تضيف ضغطًا إضافيًا على معنويات المستثمرين. هذه العوامل، إلى جانب التحديات الداخلية في سوق الكريبتو، تجعل المتداولين في حالة ترقب لظهور إشارات أوضح قبل اتخاذ قرارات استثمارية كبيرة.
ورغم ذلك، تقدم مؤشرات السلسلة الخاصة بالبيتكوين بصيص أمل للمستثمرين المتفائلين. إذ تكشف بيانات توزيع السعر المحقق (URPD) أن نحو 3 ملايين بيتكوين – أي حوالي 15% من المعروض المتداول – محتفظ بها حاليًا في نطاق 108,000 إلى 117,000 دولار. تاريخيًا، مثل هذا التركّز الكبير عند مستوى سعري محدد غالبًا ما يسبق تحركات قوية في السعر صعودًا أو هبوطًا، مما يشير إلى أن السوق قد تقترب من نقطة تحول رئيسية.
بالنسبة للإيثريوم والعملات البديلة، تبدو الصورة أكثر تعقيدًا. فبينما يمثل شراء Bitmine إشارة إيجابية، إلا أن ضعف المشاركة من باقي المستثمرين يوحي بأن العملات البديلة قد تواجه صعوبة في استعادة الزخم في المدى القريب. ويبرز هذا التفاوت مجددًا هيمنة البيتكوين في السوق الرقمية
الخلاصة
قدم الانخفاض الأخير في أسعار البيتكوين والإيثريوم نظرة عميقة إلى ديناميكيات السوق الرقمية. فعلى الرغم من الضغوط الاقتصادية والتحديات الداخلية، أظهرت بيانات السلسلة أن المستثمرين الانتهازيين يستغلون هذه الانخفاضات، خاصة في حالة البيتكوين. إن تراكم 202,000 بيتكوين قرب 109,000 دولار وشراء Bitmine للإيثريوم بقيمة 900 مليون دولار يؤكدان على متانة هذين الأصلين حتى في أوقات التقلب.
لكن الفجوة في النشاط الشرائي بين البيتكوين والعملات البديلة تسلط الضوء على استمرار جاذبية البيتكوين كأصل رئيسي للمستثمرين.
ومع استمرار حالة الغموض الاقتصادي العالمي، تبقى اليقظة ضرورية. تشير مؤشرات السلسلة إلى أن السوق قد تكون مقبلة على حركة سعرية حاسمة، ما يحمل مخاطر وفرصًا في آن واحد. وبغض النظر عن اتجاه السوق القادم، فإن نشاط الشراء عند الانخفاض يؤكد أن المستثمرين الاستراتيجيين ما زالوا يرون في البيتكوين أساسًا متينًا لمحافظهم الاستثمارية.
