استثمار Tether في Crystal Intelligence يعزّز رقابة العملات المستقرة

في ظل استمرار الخسائر الناجمة عن الاحتيال في سوق العملات الرقمية، وبطء تجاوب الجهات الأمنية، يطرح دخول شركة Tether مجال التحليل الجنائي في البلوكتشين تساؤلات جدية: هل أصبحت شركات العملات المستقرة خط الدفاع الأول في مواجهة الجريمة الإلكترونية؟
في 8 يوليو، أعلنت Tether، المصدّرة لعملة USDT، عن استثمار استراتيجي في شركة Crystal Intelligence، المتخصصة في تقنيات كشف الاحتيال، رسم خرائط المخاطر، والامتثال التنظيمي. وبينما لم يُكشف عن حجم الصفقة، فإن هذا الاستثمار يعمّق شراكة قائمة بالفعل بين الجهتين في مجالات تنبيه الاحتيال وتتبع التدفقات غير المشروعة حول العالم.
تحول جذري في دور العملات المستقرة
يشير هذا التحرك إلى تحوّل مهم في دور مُصدري العملات المستقرة. فبعد أن كانت هذه الشركات تكتفي بتقديم بنية تحتية للمدفوعات، باتت اليوم تشكّل جزءًا فاعلًا من منظومة الأمن السيبراني في قطاع الكريبتو.
وقال باولو أردوينو، الرئيس التنفيذي لشركة Tether: “من خلال أدوات تحليل متقدمة كالتي تطوّرها Crystal Intelligence، نحن نعزز قدرتنا على مساعدة السلطات في تتبع حركة الأموال لحظيًا. هذا الاستثمار يعكس التزامنا بالتعاون والشفافية، ويؤكد أن USDT هو الدولار الرقمي للشعوب، ولن نسمح للمخالفين بالإفلات”.
ضغوط تنظيمية واستجابة حاسمة
دفع تقرير صادر عن الأمم المتحدة في يناير 2025 Tether إلى تكثيف جهودها، حيث أشار التقرير إلى أن USDT هو الخيار المفضل لمبيّضي الأموال والمحتالين في جنوب شرق آسيا، نظرًا لاستقراره وسرّية معاملاته.
لكن التقرير ذاته أقرّ بأن أقل من 1% من إجمالي المعاملات بالعملات الرقمية تُستخدم في أنشطة إجرامية، ما يُبرز المفارقة التي تواجه Tether: فهي في الوقت نفسه العمود الفقري للسيولة في التمويل اللامركزي، وأداة تُراقب عن كثب من الجهات الرقابية.
وبحجم تداول يومي تجاوز 61.9 مليار دولار، تَفوق Tether حتى على Bitcoin، ما يجعل نزاهتها مسألة وجود لا مجرد امتثال تنظيمي.
أدوات رقابة تسبق الإجراءات الحكومية
ردّت Tether سريعًا على الانتقادات، بدءًا من تعاونها مع وزارة العدل الأمريكية في يونيو لمصادرة 225 مليون دولار من عصابات احتيال إلكتروني، وصولًا إلى الاستثمار في أدوات Crystal لتعويض فجوة الرقابة التي تعاني منها الحكومات.
وتخدم هذه الاستراتيجية هدفين: تقويض شبكات الجريمة التي تستغل USDT، واستباق الإجراءات التنظيمية التي قد تهدد استقرار نظامها البيئي البالغ حجمه 158.7 مليار دولار.
ومع وجود 2.7 مليار دولار مجمّدة حاليًا، تُستخدم تقنيات التجميد الفوري من Tether في 55 دولة، لتجعل منها، عمليًا، جهة أمنية من القطاع الخاص.
الرسالة واضحة: إذا كانت العملات الرقمية تواجه اتهامات مستمرة، فإن مستقبل USDT يعتمد على كونه “أنظف قميص متّسخ” في غسيل الكريبتو.